شائعة موت … بقلم أحمد الحباسى كاتب  وناشط سياسي.

شائعة موت … بقلم أحمد الحباسى كاتب وناشط سياسي.

31 أوت، 21:35

لا أدرى صدقا لماذا ينزعج بعض المشاهير من الشائعات الزائفة  التي تؤكد وفاتهم و رحيلهم عن هذه الدنيا الفارغة ، بطبيعة الحال لا أحد يستظرف مثل هذه الشائعات و هناك من لا يفكر في الرحيل أصلا مصرّا على أنه في عزّ شبابه و لعزرائيل مهام أكيدة أخرى تخص بعض المسنين .

مع ذلك أصرّ و أكاد أجزم بأن مسألة البقاء أو الرحيل لا تؤرق مضجعي و لا تدور في مخيلتي  لان الموت حق لكن في بعض الأحيان تخالجني فكرة مجنونة تقول ماذا لو أتيحت الفرصة أن “إتكل ” و أرحل و لو لبعض الساعات فقط حتى أكتشف رأى عشيرتي و أصدقائي في العبد لله

و هل صحيح فعلا أن هناك من يخرج للعلن ذاكرا مساوئي هكذا دون احترام لحرمة الميت أو للمقولة الشائعة ” أذكروا محاسن موتاكم ” .  ماذا سيقولون و ماذا سيكذبون و ماذا سينافقون و هل سيكشفون بعض عيوبي أو محاسني و هل سأكتشف  أنى كنت شخصا آخر غير هذا الذي أضاع  معهم سنوات العمر .

كلّنا سنموت يوما  ما لكن رحيلنا سيوفر الفرصة  للكثيرين من أولاد الحلال بأن يوجهوا بعض الانتقادات اللاذعة التي حشروها لسنوات في حلقهم  ربما بداعي التزلف أو النفاق أو نقص الجرأة و من فوائد الموت مثل فوائد السفر  ،  و الموت سفر في حد ذاته ،  أن المرء سيكتشف معادن الناس و مدى تقلبهم و نقلهم للبندقية من هذا الكتف إلى ذاك الكتف. 

بعضهم لا يعيش إلا وسط أكوام من النفاق حتى تكاد لا تراه و بعضهم يلامس القاع يوميا من فرط التزلف و قلة الحياء . هؤلاء و هؤلاء نحن نعيش بينهم و نقاسمهم الطعام و  غرف النوم أحيانا و ربما يجمعنا السفر و نبادلهم الزيارات و نتقاسم معه الأتراح و الأحزان ،

مع ذلك  و بحكم   غباءنا أو رعونتنا أو لنقل حسن نيتنا  فنحن نستميت أحيانا  في الدفاع عنهم أمام ألسنة  أولاد الحلال غير أنهم يقفزون على كل  ذلك و لا نكاد نلتفت أو نودع هذه الدنيا الفانية حتى ” يأكلنا ” الكرطوش  دون مسوّغ مفهوم  أو مقبول .

لا يكتفي  بعض أولاد الحلال بالنميمة و التشويه و النفاق و المخاتلة   ضد الأحياء بل طال  الرذاذ المؤلم  الأموات  بحيث أن البعض يوجه للميت انتقادات لاذعة عن سلوكياته وأقواله وأفعاله بل تتم محاكمة كثير من الأموات في بعض الأحيان والحكم عليهم إذا كانوا من أهل جنة الفردوس أم من أهل نار جهنم والعياذ بالله. 

 بعضهم يبدأ  تلك المحاكمة و هو جالس في عزاء الميت و هناك للأسف من ينصت لهؤلاء ” الشرفاء ”  الذين لا يأتيهم الباطل لا من أمامهم و لا من خلفهم و عوض أن ينهرهم و يتبرّم منه يصر على الاستمتاع دون حمرة خجل و دون أن يقدّر أنه ارتكب إثما عظيما .  يقول بعض العقلاء أن اليوم عمل و لا حساب و غدا حساب و لا عمل و الحساب في الدنيا بين البشر أهون و أسهل من حساب الآخرة و كل يوم يمرّ على الإنسان قبل أن تتحول شائعة موته إلى حقيقة هي فرصة جديدة لجعله حسابه يوم العرض يسيرا حتى ينقلب إلى أهله مسرورا . فهل من مذّكر ؟.

مواضيع ذات صلة