خمسة و خميس على المرسوم 54 . بقلم أحمد الحباسى كاتب وناشط سياسي .

خمسة و خميس على المرسوم 54 . بقلم أحمد الحباسى كاتب وناشط سياسي .

22 سبتمبر، 21:01

خمسة سنوات سجن و خمسين مليون خطية ، هذه أحد هدايا الرئيس قيس سعيد لكل من تراوده نفسه أن يتخطى المحظور  و أن يجاهر  ببعض العبارات الخادشة أو التي يمكن أن يشتم منها رائحة المس من الأمن العام أو أن تكون باعثة للبعض أن يهاجم البعض الآخر .  جاء الفارامان الرئاسي بعد صمت طويل و يظهر أن سيادته قد قضى وقتا طويلا أيضا في تحبير هذا المرسوم حتى يخرج للعموم بتلك الصورة الباهتة  التي تؤكد مرة أخرى أن الرئيس في واد و الشعب في واد آخر  . 

بطبيعة الحال يؤكد الرئيس مرة أخرى و يبصم بالعشرة أنه لا يملك أدنى برنامج لإصلاح الاقتصاد و مواجهة غول الاحتكار و فقدان  مواد التموين كما يؤكد سيادته أنه  بعيد كل البعد عن تنفيذ شعاراته الرنانة التي باتت مجرد كذبة كبرى انطلت على الكثيرين حين صدقوا أنه المنقذ المنتظر  .  لقد جاء المرسوم عدد 54 لسنة 2022  لضرب حري التعبير  و بث الرعب و الخوف في وجدان كل من يسعى لكشف المستور أو المجاهرة بكلمة نقد لهذه الحكومة الغائبة عن الوجود .

لا أحد في المطلق يبحث عن تجاوز قواعد النشر و آداب النقد و الحوار  و لا  يوجد عاقل يبحث عن ضرب استقرار البلاد أو إثارة النعرات الجهوية  لكن ليسمح لنا السيد الرئيس بالمجاهرة بأنه قد فشل فشلا ذريعا و ملحوظا في قيادة البلاد  و أن حكومته تستحق المحاكمة جملة و تفصيلا بعد أن تسبب عجزها  المفضوح في  حالة غير مسبوقة من الإحباط و الفقر و النفور .  ربما لا يريد السيد الرئيس من باب التعالي و الغرور الاعتراف بفشله و فشل حكومته لكن الحقيقة و لغة الأرقام تصرخ بأنه عليه أن يستقيل حفظا لماء الوجه هذا إذا كان يريد إنقاذ ما يمكن إنقاذه و عليه أن يعترف بكونه قد خذل ناخبيه و مناصريه قبل أن يخذل جموع الشعب و لعل تراجع منسوب الثقة فيه دليل  يمكن البناء عليه للتأكيد أن هذه الحقبة الرئاسية قد مثلت كارثة و مضيعة للوقت لم يتحقق فيها أي شعار من شعارات الرئيس في حملته الرئاسية .

لماذا بحث السيد الرئيس على تكميم الأفواه بإصدار مثل هذه الكارثة ” القانونية ” مع علمه أنه سبق  رفضها حين طرح النائب السابق مبروك كورشيد نصا مشابها لها أثار ردود فعل غاضبة و رافضة و لماذا  لم يدرك لحد الآن سلم الأولويات  و أن المطلوب استعجاليا  و دون إبطاء هو وضع حدّ لكارثة الاحتكار و فقدان مواد التموين الأساسية ؟ ألم يدرك السيد الرئيس أن عهده هو عهد القمامة التي باتت ملاذ جموع غفيرة من المواطنين فعن أي  عدالة اجتماعية يتحدث و عن أي  رفق بالمواطن يزعم ؟  من دفع هؤلاء إلى مصب الفضلات سوى غباء هذه الحكومة  و عجزها حتى عن توفير رغيف أو قارورة زيت أو رطل من السكر و من يتحمل ما يتعرض إليه هؤلاء من أمراض  معدية و من  شعور بالذل في عهده و هو غائب عن مشاكلهم و مشغول بآخر اهتماماتهم و هو فارامان الخمسة و الخمسين؟ ربما لا ينتبه الرئيس أنه أحد كبار مطلقي الإشاعات الزائفة  ضد القضاة  مثلا و أنه لو كان هناك قضاء لكان أول المحالين عليه بهذه التهمة .

مواضيع ذات صلة