لمن يسأل عن رأيي في ما يجري ! الصادق شعبان

لمن يسأل عن رأيي في ما يجري ! الصادق شعبان

20 أكتوبر، 22:44

كثيرون يسألون و يتساءلون … و ازداد السؤال و التساؤل هذه الأيام لما آثرت الصمت …
فالمشهد أمامي يتعقد يوما بعد يوم … والكل اصبح ضد الكل … و يحصل في البلاد توتر خطير … عنف في الخطاب … و اصطفاف لا ينبئ بالخير … تعبئة شعبوية في بلد كان في دولة الاستقلال قوته في وحدته و في عقلانية قياداته …
هناك من يسأل إن ما زلت مع مسار جويلية … اقول لهؤلاء انني لا يمكن أن أكون ضد هذا المسار … اولا لمعرفتي للرئيس قيس سعيد و لنظافته و جديته … و ثانيا لاني منذ عقد تقريبا حملت الافكار التي يحملها الرئيس اليوم … أتقاسم معه الخطوط الكبرى … و لكن لا اتفق في بعض الخيارات و في منهج العمل … خاصة لما اسمع دون ان أفهم رجالا و نساءا تصدروا منابر التلفزات و الراديوات للتنظير و للتفسير لمسار 25 جويلية …
من يريد ان يتثبت من توافق نظرتي مع نظرة الرئيس يراجع تدويناتي كلها منذ صدور دستور 2014 … فلم احذف و لا واحدة …
راجعوا تدويناتي منذ 2015 ، تجدون فيها اني :

  • ناديت بتغيير الدستور الذي كان سبب تحطيم الدولة
  • و ناديت باللجوء الى الاستفتاء لتعديل الدستور فقد تعذر الحوار و غابت الأغلبية الكافية للتعديل
    -و ناديت باستعمال الفصل 80 اذا ما اقتضت الضرورة القصوى ذلك و هذا ليس زمن الرئيس قيس و انما زمن الرئيس الباجي لان المؤسسات منذ ذلك الوقت تعطلت و القرار ترك المكان لللاقرار و البلاد اصبحت فعلا في خطر يستوجب اعلان الحالة الاستثنائية و اخذ الأمور مؤقتا بيد قوية واحدة
  • و ناديت بالعودة الى النظام الرئاسي مع بعض التصحيحات من اجل ارساء توازن حقيقي بيت السلطات
  • و ناديت بالتصويت على الأفراد… و التصويت على الأفراد اقترحته مباشرة على الرئيس الراحل زين العابدين منذ عشرين سنة تقريبا بغاية ترشيد عملية الترشيح داخل التجمع الدستوري الديمقراطي … فتحمس الرئيس للفكرة في البداية ثم تراجع تحت ضغط آخرين بحجة المس من قوة الحزب و خلق زعامات محلية تزعج النمط القيادي الممركز …
    ما يحسب للرئيس قيس سعيد انه انقذ البلاد في ذلك الوقت … قام بما كان ينادي به الجميع تقريبا … و ما بإمكان الجميع في ذلك الوقت الخروج من فخ الدستور … و لا من تداعيات منظومة الانتخاب التي شتتت المشهد الحزبي و صلبت المواقف و حالت دون الأغلبية و أضعفت الحكومات … فالقرار اصبح معطلا ، و الاصلاح معطل ايضا ، و الحوار كذلك معطل… و دور رئيس الدولة باعتباره الضامن لاستمرار الدولة و لوحدة البلاد لن يكون غير اخذ المبادرة و تصحيح الامور بالسلطة الاستثنائية …
    انا لست مع البناء القاعدي … و الحقيقة ان ليس ثمة الان في تنظيم الدولة ما يشير إلى البناء القاعدي … فانتخاب الغرفة الأولى مباشر كما في كل الانظمة الدستورية … و تمثيلية الغرفة الثانية غير مباشرة كما في كل الانظمة ايضا التي تعمل بغرفتين للبرلمان … ما يشار إليه في الإعلام مغالطة … و المفسرون في اعتقادي غير ملمين بالموضوع …
    لو طلب رأيي، لكنت قلت ” لا” لاشياء عديدة دون ان اخل بالنظام الرئاسي و لا بالتصويت على الأفراد …
    كنت اقول ” لا ” لمجلس الجهات و الاقاليم ، و سوف ترون المشهد باعينكم عند انتخابه و عند ممارسة نشاطه خاصة و ان هذا النشاط ينحصر في مناقشة الميزانية و الخطط التنموية و التصويت عليها … و تنفضح الأمور لما تعطي ابواق الإعلام لممثلي الجهات و يكون النقل مباشرا …
    كنت اقول ” لا ” لسحب الوكالة ، و لا اعتقد انها سوف تصمد في الفعل …
    كنت اقول ” لا ” للصلح الجزائي، فهو لخبطة اضافية لمناخ الاستثمار ، و هرسلة لا جدوى منها ، و محصولها للدولة لا يفوق واحد من مئة من العائدات لو طمأن الرئيس رجال الأعمال و طور تشريع الاستثمار و حسن مناخ التنافس … فيقوم الاقتصاد الجديد و لا نكتفي بنهش القديم …
    كنت اقول ” لا ” للشركات الأهلية، و هذه سوف تندثر قريبا قريبا …
    كنت اقول ” لا ” لاشتراط اشياء غريبة عند الترشح لمجلس النواب و التي في التطبيق تعطي مفعولا عكسيا كما تضعف البرلمان بينما نعرف ان ضعف البرلمان كان الخلل الاساسي للانظمة في دولة الاستقلال … لا لمنع الجمع مع مهنة ، لا لمنع ازدواج الجنسية ، لا ل 400 تزكية معرف بإمضائها … كلها شروط تحرم البلاد من الكفاءات القادرة على التشريع ، و من التمثيلية الواسعة ، و من استقطاب المترشحين الذين يرغب الوطن في ترشحهم لكنهم لن يقدموا ابدا على تسول التزكيات كما ليس لهم رغبة او مقدرة على شرائها …
    اعلموا ان في تاريخ الديقراطية ، نشأت عديد الاحزاب من البرلمانات … و الاحزاب هي أساس التنافس الديقراطي ، و هي التي تضع الخيارات و تعد القيادات … فلا نحتار في السياسات و لا نحتار في التعيينات …
    ما العمل الان ؟
    اعتقادي راسخ ان الامور الان أفضل مما كانت عليه …لكن اعتقادي راسخ انها كانت تكون احسن …
    أشياء كثيرة سوف تتعطل … و سوف نضطر للاصلاح من جديد … مع خسارة بعض الوقت … و مسافات من خط اللحاق …
    انما انا لست ابدا من الذين يدفعون بالبلاد الى المجهول … و تهييج الناس و الشارع …
    فلا بديل جدي لهؤلاء … و الخطر يكبر بهذا الشكل من المعارضة …
    كما اشير الى ان النظام السياسي – اي نظام سياسي- لا يستقر الا اذا كانت فيه السلطة حسنة و المعارضة حسنة … كلاهما … و لا تكون الحوكمة رشيدة الا بسلطة قوية و بمعارضة قوية … فالبلد يحتاح الى الجميع ، و توازن النظام لا يكون الا بهذه المعادلة الدقيقة سلطة و معارضة ، و الديمقراطية لا معنى لها ما لم تقدم الأحسن للبلاد ، برامج و قيادات …
    تونس تكون أفضل اذا شرّكنا كل أبنائها… و تونس تكون أفضل اذا توحّدت … و تونس تكون أفضل اذا اعتبرت ان المنافس الحقيقي ليس في الداخل و انما في الخارج …
    قيادة الأمم سهلة لمن يحذق المنهج … إتّبعوا ما فعل من سبقونا … الانترنيت و غوغل يعطيان الان كل المؤشرات و الارقام و كل الممارسات و السياسات … إطلعوا على ما يقوم به الغير و إستأنسوا بما يفعلون … لا تعتبروا انكم سوف تخلقون العجلة من جديد …
    ثم لا تنسفوا كل ما سبق من انجازات … و استعينوا بمن هم من الكفاءات … فالنمو بناء مستمر ، و الحضارة تراكم و اصطفاء للأفضل …
    أ.د الصادق شعبان

مواضيع ذات صلة