تونس : إيقافات بالجملة والتفصيل … بقلم أحمد الحباسى كاتب وناشط سياسي

تونس : إيقافات بالجملة والتفصيل … بقلم أحمد الحباسى كاتب وناشط سياسي

16 فيفري، 21:30

هل بدأت المحاسبة و جاء وقت العقاب ؟ هل صحيح أنه لا أحد على رأسه ريشة كما يقال ؟  هل استعاد القضاء عافيته و عذريته التي دنسها بعض القضاة  ؟ ما الذي حصل حتى تتم كل الإيقافات بمثل هذه السرعة و هل هناك إرادة سياسية واضحة لتمكين القضاء من أن يكون الجهة الوحيدة للفصل و البتّ في كل الاتهامات الموجهة للمشتبه بهم ؟

هل قام الإعلام بدوره في كشف الفاسدين ؟ هل تكون هناك محاكمات عادلة و هل أن ملفات الإحالة و التحقيق تتضمن ما  يؤكد التهم الموجهة ضد الموقوفين و لماذا يصر المحامون على فراغ الملفات و خلوّها من الأدلة  ؟ هل يحق لرئيس الدولة توصيف المظنون فيهم الذين تم إيقافهم بنعوت  الإرهاب و الفساد  ؟  ما علاقة هذه الإيقافات بما يروج له الرئيس من وجود مخطط لاغتياله ؟

هل ستمثل هذه الإيقافات ضوء أحمر ضد كل لسان يعارض الرئيس و هل ستكون المؤسسة القضائية هذه المرة و كعادتها أداة في يد السلطة لكسر الحصار المفروض عليها و ما تعانيه من فشل في معالجة الأوضاع على كل المستويات؟.

يبدو أن سنة 2023 ستكون نسخة مكررة من السنة السابقة فيما يخص  تراجع الحريات الفردية أو الجماعية كما يبدو أن هناك ميلا متصاعدا من الرئيس و خلافا لما يعلنه بإصرار  مشكوك فيه لتكميم أفواه معارضيه و مجرد  تفكيره و سنّه للمرسوم عدد 54 لسنة 2022  المتعلق بمكافحة الجرائم المتصلة بأنظمة المعلومات و الاتصال  و الموجه أساسا لكل المتعاملين مع الفضاء الافتراضي و الذين باتت أغلبيتهم تنتقد أداء الرئيس و حكومة تسيير الأعمال المقعدة  هو تعبير فصيح على عزمه القوى على خنق حرية التعبير باستعمال النصوص القانونية الزجرية التي نالت الانتقاد و السخط على المستوى الداخلي و الخارجي .

بطبيعة الحال هناك ترحيب شعبي بحملات الإيقاف التي طالت شخصيات مشبوهة كثرت حولها الاتهامات و الإشاعات و فيهم من بات يمثل فعلا تهديدا للأمن الوطني في علاقتهم بالإرهاب و توظيفه لخدمة أجندات سياسية داخلية و خارجية و لذلك لم يكن مستغربا أن يتم منعهم من السفر أو فرض  رقابة على حساباتهم المصرفية .

الظاهر أن هناك إرادة رئاسية معلنة  لتنفيذ حملة تطهير الدولة من الفاسدين و الإرهابيين كما جاء على لسان الرئيس منذ ساعات عند زيارته الليلية لمقر وزارة الداخلية  و الظاهر أن هناك متابعة لكل المعارضين لسياسته و الموجودين بالخارج   لكن من المؤكد أن أيام ” السكاكين الطويلة ” ( في إشارة لحملة أاعتقالات التي قام بها النظام الألماني الحاكم  ضد معارضيه في جوان 1934 )  قد  بدأت و لن تتوقف إلا بعد  القضاء على كل الرموز التي يرى فيها الرئيس خطرا على مشروعه الغامض .

إن هذه الحرب ستسيل كثيرا من الحبر كما ستتسبب في كثير من الانتهاكات لحرية الفكر و الرأي و الحق في محاكمة عادلة و  حرية التعبير و إذا تخلصت تونس و لو نسبيا من آثار جائحة كورونا  فإنها دخلت في مرحلة  انتشار وباء  خطير أسمه الاستبداد بالسلطة و خنق حرية التعبير  و إذ فشل الرئيس فى تحقيق نصر و لو يتيم في مواجهته لتردى الوضع الاقتصادي فان خطابه العدمى يساهم في تقويض ما تبقى من ثقة المواطن في الدولة التي تحولت في رأيه إلى مجرد موظف جباية لا غير .

مواضيع ذات صلة