إلى المُتنمّرين الحاقدين إثر خسارة بطلتنا أنس جابر : من أنتم؟ …سامي  النيفر

إلى المُتنمّرين الحاقدين إثر خسارة بطلتنا أنس جابر : من أنتم؟ …سامي النيفر

15 جويلية، 22:00

عندما يجتمع الحقد والشماتة والشّراسة والوحشية والبربرية وقسوة القلب وغلظته والجهل والظلم وعدم تقدير الأشياء حق قدرها، نرى هكذا ردود فعل من أشخاص لم يمارسوا يوما لعبة التنس وأغلبهم لا يعرف نواميسها وقواميسها وأسرارها وقوانينها… لعبة التنس يا سادة تعتمد أساسا على الصبر والمهارات البدنية والذهنية والتي أظهرتها أنس منذ سنوات وكانت أول تونسية وعربية وإفريقية تصل إلى المرتبة الثانية عالميا وتصل 3 مرات إلى نهائي غراند سلام منها مرتان متتاليتان في ويمبلدون على الأرضية العشبية التي لا نملك منها كثيرا في تونس وحتى في العالم مقارنة بالأرضيتين الترابية والصلبة…

فالأرضية العشبية لا تعتمد كثيرا على التبادلات والكرات فيها سريعة وقد يتغير اتجاهها بالإضافة إلى كثرة الانزلاقات لأن العشب يفقد خضرته في الأسبوع الثاني… وهل لدينا في تونس ثقافة ممارسة أو حتى مشاهدة رياضة التنس، بل ما هي الملاعب والبنية التحتية التي نمتلك في الكرة الصفراء؟ وهل لدينا تقنية عين الصقر بل حتى مدرّجات لا نجدها خلف اللاعبين ولا ننظّم أكثر من بعض الدورات الصغيرة في نوادي تنس عادية وأغلب ملاعبنا البسيطة أرضيتها ترابية أو صلبة وليست عشبية… دعونا من كل هذا، أنس جابر تُوّجت اليوم بالمرتبة الثانية في بطولة غراند سلام… هل تعرفون ما معنى ذلك؟ معناه أنها الثانية في بطولة كأس عالم !

هل تحلمون يوما أن يبلغ منتخبنا التونسي لكرة القدم نهائي كأس عالم؟! أجزم أنه لو وصل منتخب أو فريق كرة قدم إلى نهائي كأس عالم لاحتفلت كل البلاد ولغمرناهم بالدعم المادي والمعنوي بحق ودون وجه حق… ولكن بطلتنا فعلت ما لم يفعلوه وأزاحت سابالينكا وريباكينا وكفيتوفا المصنفات 2 و3 و9 عالميا على التوالي، ومع ذلك تنال السب والشتم والتحقير والتبخيس والشماتة التي لم تكن يوما من شيم الكبار… في المقابل، الأميرة Kate Middleton بجلالة قدرها، تتحدّث مع أنس جابر دقائق مطوّلة لتشكرها وتواسيها وكذلك تفعل مذيعة ويمبلدون ولاعبة التنس السابقة Annabel Croft وأغلب الجمهور الذي آمن بلاعبتنا وحفّزها وشجّعها ورفّع من معنويّاتها طيلة البطولة وعندما بكت ضياع اللقب وهو خطأ آخر لن يغفره هؤلاء الغِلَاظُ لأن من يبكي عندهم أحمق وضعيف وهم الأقوياء ! أَكُلُّ الإنقليز والأوروبيين أغبياء وأنتم أفضل منهم ومن أنس؟ لا يتنمّر على الآخرين إلا حاسد أو جاحد أو من كان ناقصا ويحاول تعويض ذلك النقص فيه… هل نسينا أنها قبل ساعات كانت سفيرة بل وزيرة السعادة؟… لا نستغرب موقفكم فقد سبقكم حكيم زمانه سيّدنا محرز بوصيّان الذي يتأتئ في الكلام حين قال إن أنس مازالت لم تبلغ المستوى العالمي ما دامت الثانية وليست الأولى ودون بطولة غراند سلام؟ لماذا امتلأت بلادنا بالمحبطين والسلبيين الذين لا يعجبهم العجب العجاب؟…

إنهم لا يكرهون أنس ولكنهم يكرهون أنفسهم فيها وفي كل ناجح يحاول أن يفعل شيئا في هذه البلاد ! لماذا تتساءلون بعد عن هجرة الكفاءات؟ أليس لأننا نعشق “تطييح القدر”؟ كم مرة استمعنا إلى مقولة “الغرب وراء الفاشل حتى ينجح ونحن وراء الناجح حتى يفشل”؟ بالمناسبة، من تحدّث عن ضعف تركيز أنس اليوم، وقلة تحضيرها النفسي، رغم أنها تحسّنت كثيرا في هذا الجانب، ألا تعلمون أن أغلب التونسيين يعانون صعوبات في التركيز والقوة الذهنية والهشاشة النفسية وضبط الانفعالات؟ فمن فينا سليم وكامل ويقدر على المزايدة على أنس أو سواها؟؟؟


أخيرا وليس آخرا، أنس جابر ناجحة مع فريقها المميّز ومع زوجها الوفيّ الذي حسدوها عليه أيضا.. أنس وصلت مرتين لنهائي رولان غاروس للناشئين 2010 و2011 والذي توّجت به ولم يتجاوز عمرها 16 سنة آنذاك… أنس ناجحة في حياتها الزوجية والاجتماعية والمهنية وهي مثال جميل لبعض شابّاتنا المائعات المتواكلات اللاتي لا يُجِدْنَ تحمّل المسؤولية ولا حتى سلق بيضة ! أنس صاحبة عزيمة فولاذية وصرّحت اليوم أنها لن تستسلم وستعود للفوز بلقب البطولة ولنا ثقة فيها فقد انهالت عليها الانتقادات عندما تراجعت إلى المرتبة السادسة. ومثلما عادت الثانية عالميا، ستفوز قريبا ببطولة غراند سلام فقط لتقهر الحاسدين المرضى الذين لا ينجزون ولا يتركون من ينجز والمليئة بهم أوطاننا العربية مع الأسف…

سامي النيفر

مواضيع ذات صلة