الشركات الناشئة: نموذج مبتكر لريادة الأعمال يتطور في تونس و يتردد صداه في إفريقيا

الشركات الناشئة: نموذج مبتكر لريادة الأعمال يتطور في تونس و يتردد صداه في إفريقيا

5 نوفمبر، 09:15

منذ أن أنشأت تونس، لأول مرة، في أفريل 2018، إطارا قانونيا خصص حصريًا لريادة الأعمال المبتكرة، استطاع الكثير من الشبان ذوي المبادرات المجددة، تحويل أفكارهم إلى مشاريع ملموسة.هذا الاطار الذي يرتكز أساسا على “قانون الشركات الناشئة”، مكن من إحداث 248 شركة ناشئة، أي بمعدل 20 شركة تم إحداثها شهريًا وتم تحفيزها بمزايا لصالح رواد الأعمال والمستثمرين. ووجدت الكثير من هذه الشركات صدى على المستوى الاقليمي وحتى العالمي.في حوار خص به “وات”، يستعرض المدير العام للابتكار والتطوير التكنولوجي في وزارة الصناعة والطاقة والمناجم، قيس الماجري، النتائج التي تم تحقيقها منذ صدور هذا القانون و أيضا التحديات التي يجب مواجهتها من أجل استدامة الشركات المجددة في تونس. //حوار//سؤال: كم عدد الشركات الناشئة التي تم إنشاؤها منذ إصدار القانون الخاصّ بدعم الشّركات النّاشئة في تونس، والّذي يحمل تسمية “Startup Act” وفي أي قطاعات تنشط وكم عدد الوظائف التي تم إنشاؤها؟جواب : وفقًا لأحدث تقرير صادر عن “Smart Capital”، المسؤول عن إدارة برنامج “قانون الشركات الناشئة”، تم منح 248 علامة “شركة ناشئة”، أي بمعدل ??20 شركة ناشئة تم إحداثها شهريًا. وتوزع هذه الشركات على كامل الولايات التونسية ولكن يتركز أغلبها في إقليم تونس الكبرى، أي حوالي 75 بالمائة من الشركات المحدثة.وتنشط هذه الشركات الناشئة في 6 قطاعات رئيسية وهي تطوير البرمجيات والخدمات (برامج وخدمات الأعمال)، التجارة الإلكترونية أو إنشاء الأسواق (السوق)، التعليم والتكنولوجيا، تكنولوجيات التمويل، الصناعات الثقافية والإبداعية و أخيراً الصحة. وتمثل هذه القطاعات الستة لوحدها 60 بالمائة من الشركات الناشئة وهو ما يعكس درجة نضج هذه القطاعات واهميتها بالنسبة للنسيج الاقتصادي الوطني وانتظارات المواطنين.وتوجه نصف الخدمات المبتكرة التي تقدمها الشركات الناشئة لسوق الأعمال (قطاع B2B) وبقدر أقل لعدد كبير من المستهلكين (قطاع B2C).أما بالنسبة لمواطن الشغل التي تم إحداثها، فقد بلغ عددها 2829 موطن شغل بما في ذلك مؤسسي الشركات، أي بمعدل 11 شخصًا لكل شركة ناشئة. وتجدر الإشارة إلى أن 28 بالمائة من هذه الوظائف تم إحداثها خلال العام الأول من انطلاق العمل بقانون الشركات الناشئة، أي سنة 2018.سؤال 2: هل لدى هذه الشركات الناشئة، حسب رأيك، فرصة كبيرة للازدهار على مستوى السوق المحلية ومن ثم الانتقال إلى العالمية؟جواب : على الرغم من صغر سن هذه الشركات (بمعدل سنتان ونصف)، فقد نجحت العديد منها بالفعل في النفاذ إلى العالمية وهي في طريقها نحو التموقع إقليميا ودوليا خاصة في أوروبا وأفريقيا ومنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. أذكر من بين هذه الشركات الناشئة “أينستاديب”، “داتافورا”، اينوفا روبوتيكس، “فالومنيا” و”أينتيقو” ( InstaDeep و DataVora، Enova Robotics، Valomnia أو Intigo ).كما تجدر الإشارة الى أنه في سنة 2017، اختار المنتدى الاقتصادي العالمي، 5 شركات ناشئة تونسية اعتبر أنها “ستشكل المستقبل” وهي شركات BARC و SIMPLE EXPERT و GO MY CODE وNEXTPROTEIN و IRIS TECHNOLOGIE.كما تثير المنظومة المحفزة للابتكار في تونس اهتمام العديد من الشركات الأجنبية الناشئة حيث تم استقطاب 14 شركة تابعة للشركات الأجنبية الناشئة. وهو ما يشهد على إمكانيات البيئية الداعمة للتجديد بتونس ويدعو الى مزيد تدعيمها.سؤال3 : ما هي ملامح هؤلاء المبتكرين المؤسسين للشركات الناشئة وما هي نسبة النساء/الفتيات بين هؤلاء ؟جواب: يتميز النسيج الاقتصادي لرواد الاعمال والمبتكرين في تونس بارتفاع نسبي في فئة الشباب. في الواقع، 93 بالمائة من الشركات الناشئة أسسها أشخاص تتراوح أعمارهم بين 20 و49 عامًا.الميزة الثانية لهذا النسيج هي أن رواد الأعمال هؤلاء يتمتعون بخبرة فنية عالية. أولاً لأن أكثر من 70 بالمائة لديهم مستوى أكاديمي عالٍ إلى حدٍ ما (باكالوريا+ خمس سنوات فما فوق). وهذه الخبرة مستمدة بشكل أساسي من المجالات الهندسية والتقنية كما أن أكثر من 70 بالمائة من الشركات الناشئة لديها خبرة مهنية تزيد عن خمس سنوات و6 بالمائة فقط من مؤسسي الشركات الناشئة هم من الطلاب أو خريجي الجامعات الجدد. نحن اليوم، بعيدون عن نموذج ريادة الأعمال لما بعد الاستقلال، الذي يتكون من رواد الأعمال عصاميين التكوين.بالنسبة للنساء، هن يشاركن أكثر في احداث وتطوير المؤسسات الناشئة، باعتبار ان 40 بالمائة من الوظائف التي تم إنشاؤها تشغلها النساء. غير أن النساء لسن في الصدارة عندما يتعلق الأمر بأخذ زمام المبادرة لتأسيس شركة، فنسبة الشركات الناشئة التي تأسست حصريا على يد نساء لا تتخطى 4 بالمائة مقابل 68 بالمائة بالنسبة للرجال.لكن هذا الامر ليس حكرا على تونس بل تعتبر قلة ريادة الأعمال النسائية مصدر انشغال على المستوى العالمي، ولا سيما في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وقد تعددت المبادرات الدولية لمعالجة هذه المشكلة.سؤال 4: برأيك، كيف يمكن للتحول الرقمي في تونس أن يساعد على تعزيز إحداث الشركات الناشئة في السنوات المقبلة؟جواب: لقد أعلنت الحكومة عن تنفيذ برنامج واسع للتحول الرقمي في الإدارة العامة واعتبرت ذلك من أولوياتها وهي فرصة حقيقية لتحسين كفاءة أجهزة الدولة من جهة ومن جهة أخرى يمنح فرصة للشركات الناشئة ان تقدم حلولا مبتكرة.لقد أظهرت بوضوح أزمة “كوفيد 19 ” أن الشركات الناشئة لديها القدرة على تلبية الاحتياجات بسرعة وكفاءة عاليين وذلك من خلال مئات المبادرات والتطبيقات التي تم اقتراحها خلال الموجة الأولى من الوباء. هذه المبادرات ما كانت لتنجز لو تم اعتماد قواعد الصفقات العمومية التي كما نعلم تعتمد على نظام كراسات الشروط والتي تحدد خصائص المنتجات الموجودة في السوق وليس المجددة.لهذا السبب يجب علينا الاستفادة من هذا البرنامج الطموح لضرب عصفورين بحجر واحد: رقمنة اجهزة الدولة من جهة ومن جهة أخرى تنشيط نسيج الشركات الناشئة وتسهيل نفاذها الى الطلب العمومي لعروض.وفي هذا الإطار أطلقت الوزارة المكلفة بالصناعة والتكنولوجيا مؤخرًا، بالشراكة مع الهيئة العليا للطلب العمومي (HAICOP) ووزارة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، برنامجًا لتشجيع الشراءات العمومية المجددة.ويهدف هذا البرنامج الممتد على سنتين إلى تسهيل نفاذ الشركات الناشئة إلى المشتريات العمومية، والتي تمثل حوالي 40 بالمائة من ميزانية الدولة و 18 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد.وفي اعتقادي أنه مع إنشاء “صندوق الصناديق”، وتطور الشركات الناشئة، ودخول منظومة التمويل التشاركي، وجميع الإصلاحات الجارية حيز التنفيذ، ستتكثف هذه الديناميكية أكثر في المستقبل.مع الإشارة الى أن هذا النموذج التونسي لدعم المؤسسات الناشئة يلهم اليوم العديد من البلدان الأفريقية مثل المغرب وغانا ورواند ومصر ونيجيريا، إلخ. التي لم تخف اهتمامها في جل المحافل والملتقيات برغبتها في دراسة مقومات التجربة التونسية وفهم مراحلها ومكوناتها ونتائجها. وقد بدأت بالفعل بعض البلدان مثل رواندا والكونغو والسنغال في تنفيذ مشاريع قوانين تهدف إلى تسهيل مناخ الاستثمار وإجراءات تأسيس الشركات في بلدانهم.سؤال 5: على الرغم من هذه الإمكانات، هناك الكثير من التحديات الاخرى التي يجب مواجهتها في تطوير ريادة الأعمال المبتكرة في تونس، هل تعتقد ذلك؟جواب : نعم، في اعتقادي يواجه تطوير ريادة الأعمال المبتكرة في تونس 3 تحديات رئيسية:أولاً، قدرة الدولة على الاحتفاظ بخبرائها ومواهبها والحد من هجرة الأدمغة بالإضافة الى قدرتها على جذب المواهب من البلدان الأخرى، وخاصة من القارة الأفريقية، التي تشهد بيئة متطورة وحية للتجديد والابتكار. إن النجاح في خلق بيئة متعددة الثقافات أمر مهم للغاية لخلق الثروة والابتكار.ثانيًا، قدرة الدولة على تقديم البنية التحتية التكنولوجية اللازمة للشركات الناشئة لتطوير حلولها في ظل نفس الظروف وبنفس السعر المتوفر لمنافسيه على المستوى الدولي (قوة الحوسبة والأنظمة السحابية والبنية التحتية للاتصالات وأدوات الدفع الاكتروني مثل Paypal، الخ …)ثالثًا، قدرة البلاد على المدى المتوسط على إنشاء شركات قوية قادرة على المنافسة على المستويين الاقليمي والدولي وتكون متشابكة مع نظيراتها المحلية لرفع العرض التكنولوجي التونسي.

مواضيع ذات صلة