الفترة الإستثنائية وتدابيرها : قرقنة تبادر..قرقنة تشارك ! فتحي الهمّامي

الفترة الإستثنائية وتدابيرها : قرقنة تبادر..قرقنة تشارك ! فتحي الهمّامي

1 أكتوبر، 22:04

بعد أن هدأت لفترة تستأنف على ضوء المتغير السياسي الجديد الوقفات “الوطنية” التي مدارها شارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة. تلك الساحة العامة التي يتركز عليها نظر وسائل الإعلام فلا تفلت أي حركة فيها عن متابعتها وتغطيتها. فالشارع “الرمز” يمثل عندها وعند الكثيرين مركز المركز، الفضاء العلامة، الساحة التاريخية المفضلة لإنطلاق او تتويج نشاط سياسي بَرَّانِيّ. ولهذا لم ينتبه الكثيرون إلى ما جدَّ يوم 25 سبتمبر في بقعة قَصِيّة، في اطراف المركز الثاني صفاقس.إذ بادر يومها عدد من المواطنين في جزيرة قرقنة إلى تنظيم تجمع في الشارع أسموه “وقفة إسناد ومساندة للقرارات الإستثنائية التي اقدمت عليها مؤسسة الرئاسة ” تمَّ أثناءه تلاوة نصّ بيان نشر فيما بعد في وسيلة الإتصال الإجتماعي الفايسبوك. والنص نفسه لم يتم إلتقاطه من قبل إعلاميين. ولهذا أعتقد أنهم ربما فوتوا على نفسهم وعلى الرأي العام فرصة – ولكن بالإمكان تداركها – البحث في معاني الوقفة ودلالات ما جاء في البيان خارج السياقات “التقليدية” للفعل السياسي. ولكن كيف ذلك؟ هل لهذا الحد يبرز من هذه الوقفة معاني سياسية مهمة؟ هل تراها ترسم طريقا نحو تأثير سياسي ذو شأن؟ وهل يشكل بيانها مقدمة لنظرة سياسية ربما هي بصدد التبلور والتشكل؟ أظن ذلك كله إذا إنطلقت الارادة وتحررت من مكبلاتها. ففي الوقت الذي تشهد فيه البلاد إرتياحا في صفوف فئات واسعة من الناس إثر قرارات رئاسة الجمهورية ليوم 25 جويلية 2021 ثم ما تبعها من تدابير إستثنائية يوم 22 من نفس الشهر. فإن إشكاليات وتساؤلات وحتى مخاوف – وهذا طبيعي – تتكامل مع ذلك الشعور وترافقها. ومن تلك الإشكاليات قضايا تهم أشكال المشاركة في بناء الجديد، ونوع المساندة للتوجه المُسْتَحْدَث من قبل رئيس الجمهورية، وطبيعة الاهداف المطروحة راهنا. وفي هذا المجال أرى ان تحرك قرقنة يسهم في النقاش العام حولها بالمعاني التي اكتساها من خلال: – تأكيد الطبيعة المواطنية لذلك التحرك والتي تعكس إيمانا عميقا بدور الفرد المواطن في وطنه وبأهمية وعيه بحقوقه وخاصة بواجباته. فإذا كان للأجسام الوسيطة (جمعيات، منظمات، أحزاب….) أدوار حيوية في الحياة العامة الديمقراطية عليها أن تقوم بها، فإن للمبادرات المواطنية أيضا مكانا تعبئه وفضاء تملأه نظرا لصبغتها الأفقية وتحررها من إكراهات الإصطفاف الحزبي.- التجسيم العملي لمبدا التشاركية والسعي إلى إعمال حق الإسهام في تقرير مصير البلاد بعد تغيير 25 جويلية، فلم تنتظر “قرقنة” قرار إشراكها من قبل السلطة الجديدة إنما هي تتحرك وتبادر. وهو ما أرى فيه إشارة (وهي مزدوجة إلى رئاسة الدولة وإلى من يطالبه بالتشاركية في رسم سياسات ما بعد 25 جويلية) إلى أن المساهمة في الشأن العمومي متعددة صيغها ومن الأهمية بمكان تفعيلها كلها حرصا على ديمقراطية القرار وعلى النقاش التعددي.- اعلاء مبدأ الوضوح بإبداء المساندة لتوجه السلطة الجديد الساعي لإنقاذ البلاد من الإنهيار وإلى قطع دابر الفساد من ترابها. لذا فإن حراك قرقنة يعلن دون مواربة من خلال بيانه الدعم الكامل للإجراءات السياسية في محطتي 25 جويلية و22 سبتمبر بل تضامنه معها. وكان ذلك من خلال بيانه المكتوب، على عكس تحرك المسرح البلدي المعارض (يوما 18و 26 سبتمبر) المكتفي بشعارات وهتافات تناقضها أكثر من إتفاقها. – الحرص على أن تكون تلك المساندة نقدية (أي خارج منطق المولاة) علاوة على أنها مشروطة بإلزامية مرور السلطة إلى الفعل والإنجاز، ولهذا يصر المبادرون على إستقلالية رؤيتهم وذلك عن طريق بلورة جملة من الأفكار وتقديم عدد من المطالب جاءت في بلاغهم.وفي الخاتمة أسأل: هل استقرائي لتلك الواقعة السياسية إكتسى بعض المبالغة ؟ربما، ولكن أعتقد أن تلك المبادرة القادمة من “الهامش” ترسم مشروع طريق بالإمكان السير فيه إذا ما تم وضع معالمه وشرع في تعبيده.

فتحي الهمامي

مواضيع ذات صلة