في مناورات السياسيين …الازهر  التونسي

في مناورات السياسيين …الازهر التونسي

11 ماي، 17:15

أثارت بعض المواقف التي اتخذها هذه الأيام بعض السياسيين من أحداث وقعت استغرابا من المتابعين للحياة السياسية و في هذا الباب يتعين التذكير بأن للدعوة أحكام و للسياسة أحكام أخرى و حتى لا يبقى رأيي هذا دون سند أقدم ثلاثة شواهد من التاريخ تؤكد ذلك:
– سأنطلق في تحليلي من معاوية بن أبي سفيان صاحب الشعرة و ما تحمله هذه الشعرة من دلالات حيث لخص هذا الخليفة مسيرته السياسية بكل وضوح لما وقف على قبر حمزة عم الرسول صلى الله عليه و سلم فقال :” رحمك الله أبا عمارة لقد قاتلتنا على أمر صار إلينا”و في رواية أخرى :”يا حمزة إن الأمر الذي كنت تقاتلنا عليه بالأمس قد ملكناه اليوم و كنا أحق به منكم” و مما ترويه المصادر التاريخية أن معاوية رفض نجدة عثمان لما كان محاصرا ببيته و لما قتل عثمان أصبح مطالبا بالثأر له و كان ذلك مدخلا للنزاع الحاد الذي دار بين علي بن أبي طالب و معاوية إبان الفتنة الكبرى التي انتهت بمقتل علي و مما ترويه المصادر التاريخية أن معاوية لما بلغه مقتل علي بكى بكاء شديدا فقالت له امرأته أتبكيه و قد قاتلته؟فقال ويحك انك لا تدرين ما فقد الناس من فضل و فقه و علم”
– المثال الثاني و يتعلق بقيام الخلافة العباسية فمن فينا لا يعلم الدور المحوري لأبي مسلم الخراساني في إقامة هذه الخلافة فبعد وفاة الخليفة العباسي الأول أبي العباس السفاح تولى الخلافة أبو جعفر المنصور فأعلن عمه عبد الله بن علي التمرد فأخذ المنصور يتقرب من أبي مسلم الخراساني و يسترضيه و يعترف بفضله و أوكل له مهمة محاربة عمه فقضى على التمرد و بعد ذلك استدرج المنصور أبا مسلم لمقابلته و أثناء هذه المقابلة هجم الحرس على أبي مسلم و قتلوه
– المثال الثالث و يتعلق بأبي عبد الله الصنعاني وقد قام هذا الداعية بدور محوري في إقامة الخلافة الفاطمية بالمغرب الإسلامي و يطلق القاضي النعمان صاحب كتاب افتتاح الدعوة لقب صاحب البذر أي الشخص الذي نجح في بذر الدعوة الفاطمية بالمغرب الإسلامي فبعد أن قضى هذا الداعية على الإمارة الأغلبية و أقام الخلافة الفاطمية سلم الحكم للخليفة الفاطمي الأول عبيد الله المهدي فكان ذلك بداية نهاية أبي عبد الله الصنعاني فبعث المهدي جماعة لقتل الداعية الشيعي أبي عبد الله فحاول هذا الأخير إثناءهم عن عزمهم فقال لهم لا تفعلوا فأجابوه بقولة معبرة جدا :” إن الذي أمرتنا بطاعته أمرنا بقتلك ” و مما ترويه المصادر التاريخية خروج المهدي في موكب جنازة الداعية و الصلاة عليه
فلا نستغرب اليوم من إطلاق التصاريح ثم القيام بأعمال تناقضها و لا نستغرب كذلك من تقديم الوعود الانتخابية ثم التخلي عنها بمجرد الوصول للسلطة فتلك هي السياسة مهما حاول السياسيون اكساءها بلباس الفضيلة.

مواضيع ذات صلة