حرب روسيا واوكرانيا …من منظور الوطنية!

حرب روسيا واوكرانيا …من منظور الوطنية!

9 مارس، 22:32

ليس من شك ان إندلاع الحرب في أوكرانيا، التي لها دوافع خفية وبارزة، له تداعيات خطيرة خاصة على المدنيين هناك، وعلى السلم العالمي، وعلى الاوضاع الإقتصادية والمعيشية للبلدان الضعيفة والفئات الهشة. وأظن ان تونس، بعد إلقاء نظرة سريعة على مواقفها الرسمية بخصوص هذه الحرب، توفقت إلى حد ما في ان تصنع لنفسها رؤية من منظور وطني ومستقل. وهي رؤية تنطلق من تطلعات تونس بشأن ما يجب أن يسود عالمنا اليوم من سلم وتعاون وتضامن، وتأخذ بعين الإعتبار -أيضا- إمكانياتها ومصالحها علاوة على ما خفي من دوافع هذه الحرب. وفي مقابل وجهة النظر هذه بخصوص الحرب طلع علينا – منذ يومين على وسائل الاتصال الاجتماعي- رجل منظور من أولائك الوزراء السابقين براي ليس بجديدا وإن تَصَنَّعَ الرجل العلم وقال إنه موقف من منظور الشريعة. وهذا المنظور، الذي أسس عليه “الخادمي” رأيه، ليس سوى مغازلة فجة للمشاعر الدينية وإضفاء حجاب ديني زائف على تصور سياسي تقليدي له ولأمثاله من الإخوان كان يقود دائما مواقفهم. فما ابعد منظوره عن الاستناد إلى العلوم الجيوسياسية والعسكرية والاقتصادية او إلى غيرها من علوم هذا الزمان، إذ فضل الاعتماد على علوم قديمة فاتها الزمن منذ زمان فأضحت فاقدة للعلمية مخالفة للمعرفة. ولكن ها هو يقوم بتجميرها بعد إخراجها من قبورها بغاية توظيفها واستعمالها من جديد. ولا يخفى على أحد أن ذلك التصور -كما يظهره تاريخهم – أفرز مواقف لا توصف بغير الانحياز إلى وجهة النظر الأمريكية، وبالانقياد إلى الموقف الاطلسي، بل لا ترى حرجا في تبرير الانخراط في عمليات التقويض والتدمير هنا وهناك (سوريا وليبيا مثلا) في سبيل تجسيم أهداف السياسة الأمريكية والأطلسية في العالم.
وبالطبع ليس بجديد ان يصل “الخادمي” بموقفه إلى الانحياز التام إلى النظرة الامريكية والاطلسية ومعانقتها بالكامل بخصوص الحرب الروسية الاوكرانية. فالمصلحة الفئوية هي المبتدأ وهي المنتهى خاصة في الظروف المتسمة بإنحدار المشروع الاخواني. ولكن على نقيض السابق إتسم الموقف الرسمي التونسي حول النزاع الروسي/ الأوكراني عموما بالتوازن وتميز بالدعوة الواضحة إلى السلام وإلى نبذ الحرب. فتونس لم تنقد إلى موقع الانحياز إلى هذا او ذاك من طرفي النزاع، وخاصة التبعية إلى محور الحلف الأطلسي وتلك القوى المتورطة في الحروب على الشعوب والمتلاعبة بحقوقها ومصائرها.
فهو موقف ينسجم في روحه مع مصلحة البلاد ومع القانون الدولي ومبادئه التي نريدها ان تتجسم فعليا في فلسطين وتسود العالم جميعه.
وتونس سارعت إلى تكذيب بلاغ السفارة الأوكرانية بتونس عندما إدعت ان وزير خارجيتنا ندد بروسيا، ولم تسارع أيضا إلى الانسحاب من جلسة الأمم المتحدة (بمثل ما فعل عدد كبير من الأعضاء) عندما القى وزير خارجية روسيا كلمته مفضلة الاستماع إليه ولكنها صوتت في المقابل على قرار الجمعية العامة التي فسرته فيما بعد على انه دعوة الى حل النزاع بالحوار والتفاهم.
وذلك هو الفارق بين المصلحة الفئوية والمصلحة الوطنية.
فتحي الهمامي

مواضيع ذات صلة