اليأس والكآبة وتثبيط العزائم هي أخطر ما يقتل التونسي…سامي النيفر

اليأس والكآبة وتثبيط العزائم هي أخطر ما يقتل التونسي…سامي النيفر

13 مارس، 18:30

كثيرا ما تخوّفنا من مخاطر عديدة حلّت بنا خاصة في السنوات الأخيرة خاصة بعد تحوّل 2011 منها الفقر وسوء التغذية والإرهاب والتدخين والمسكرات والحرقة وجائحة كورونا وحوادث المرور والأمراض الخبيثة أو المزمنة والحروب وغيرها .

ولكن في الواقع كل هذه الحوادث لا تساوي شيئا أمام اليأس والنرفزة والانفعالات السلبية والكآبة التي بدأت تدب إلى قلوب الناس.. إن كل هموم الحياة لا تعني شيئا في مجتمع متكافل متكاتف أو كما قال الرسول محمّد كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمّى ولكن إذا غابت الوحدة وحضرت اللامبالاة وفسدت الأخلاق وحضر منطق “اخطى راسي واضرب” و”أنا وبعدي الطوفان” وأصبحت الأمور تدار بالغورة والخبث وتشتت العائلات وذهبت لحمة الجيران وغدر الأقارب والأصدقاء والزملاء وأصبح كل فرد تائها يبحث عن مصيره وعن النجاة بنفسه بعيدا عن المجموعة..

في صفحات التواصل الاجتماعي تجد عديد القصص الاجتماعية المؤلمة حيث يظلم الأب ابنه ويغدر “الشيخ” بالشاب اليافع ويحتقر الأستاذ تلميذه وتغدر الصديقة بصديقتها والزوج بزوجته والخالة والعمة وغير ذلك من القصص التي تؤدي إلى الانتحار أو الإدمان أو العنف أو غير ذلك من الفواجع… وكل ذلك يجب أن يواجه بعزيمة فولاذية لأن ما يضعف الإنسان ليس نوائب الدهر وظلم الناس إنما استسلامه لها.. وكم من مريض بالسرطان عمّر طويلا مقابل كهل مات حزنا وكمدا..

إن ما يقتل الإنسان حقا هو هذه الكآبة واليأس الذي بدأ يتسلّل إلى مجتمعنا وحتى في تاريخنا حصلت تجارب مؤلمة مماثلة فنجيب الخطّاب وأبو القاسم الشابي والطاهر الحدّاد وسمير العيّادي وفؤاد المهندس وإسماعيل ياسين وحتى الباجي قائد السبسي ماتوا من الهمّ والقهر.. وعليه فظلم الناس وزرع الحزن بينهم وتفتيت عزيمتهم هو ما يقتلهم وهو من عمل الشياطين الذي يريد أن يرى الإنسان حزينا ولكن شياطين الإنس أقوى من شياطين الجنّ.. وأمام غياب التكافل والإرادة السياسية والاجتماعية الصادقة بصفة عامة وجب على الإنسان أن يحصّن نفسه من الداخل وألّا يضعف أمامهم..

وقد مات ملوك وسلاطين في قصورهم بينما عاش مانديلا وغاندي وصدّام حسين رغم كثرة المآسي والظلمات فالرئيس العراقي قهر أعداءه بصبره وجلده وعزيمته التي لا تقهر وكان يعتني بالنباتات في معتقله وهو في قمّة الرضا والسكينة وكان ينام مطمئنّا في زنزانته وكأنه على فراش وثير ويقول رحمه الله : “حبسوا جسدي أما روحي فستظل دائما حرة طليقة” وقد ظل مبتسما حتى أمام حبل المشنقة في إرادة استثنائية حيّرت أعتى خصومه.. وبهذه الإرادة فقط سنقهر كل الظلمات وما أكثرها في هذا الزمن !
سامي النيفر

مواضيع ذات صلة